خالد الصاوي: نحن شعب عربي واحد.. وإذا كانت السياسة تفرقنا رغما عنا فالفن يجمعنا رغما عنهم..!!
أطالب بإسقاط كل أشكال الرقابة على الإبداع..!!

يؤكد خالد الصاوي من دور لآخر على أنه ممثل من طراز فريد يذوب تماما في الشخصية التي يؤديها فينسينا أننا أمام ممثل يجسد دورا ونجد أنفسنا أمام شخص آخر من لحم ودم فعلى سبيل المثال فإن حاتم رشيد في "عمارة يعقوبيان" لا يمت بأية صلة إلى العميد رشدي في "الجزيرة" ولا يمكن مقارنته بالطبيب النفسي في "كده رضا" وليس هو بالطبع المطرب الشعبي بلعوم في "كباريه" ,
وفى فيلمه الجديد "ميكانو" يواصل الصاوي أسلوبه المتفرد في الانغماس في شخصياته فيقدم لنا دورا جديدا يضاف إلى رصيده من الشخصيات المتعددة والمختلفة.. كما يواصل تصوير دوره في فيلم السفاح مع هاني سلامة ونيكول سابا ويعد لجمهوره مفاجأة سينمائية جديدة من خلال فيلم "الفرح" الذي يقوم ببطولته مع نفس فريق عمل فيلم "كباريه".., وحاليا ينتظر عرض فيلمه الجديد "أدرينالين" خلال الشهر القادم..
وفي السطور القادمة كان لنا معه هذا الحوار..
تشارك في بطولة فيلم "ميكانو" الذي يتم عرضه حاليا بدور العرض.. فما الذي جذبك لدورك في هذا الفيلم..؟
أكثر ما يشغلني في الشخصية التي أقدمها بصفة عامة هو دوافعها والطريقة التي تفكر بها , ومأزق الشخصية في العمل , فأنا يشغلني أن أقدم للمشاهد بورتريه للشخصية التي ألعبها بكل جوانبها التي تحمل جميع المتناقضات .. الخير والشر .. الأبيض والأسود , وأترك التحليل للناس وأترك الحكم على أدائي للجمهور لأنني أثق في أراء الناس.. وأثق أنهم يستطيعون تكوين حكم نهائي عن الشخصية ,
وشخصية "وليد الشهاوى" التي أجسدها في "ميكانو" بها العديد من المنحنيات فلا يستطيع المشاهد أن يستشف هل هو يقف بجانب أخوه من أجل مصلحة شخصية أم يقف معه لأنه رجل ويعتمد عليه , وهذا طبقته في أغلب أعمالي فمن الممكن أن يخرج الجمهور بذلك مع شخصية "رشدي وهدان" في "الجزيرة" و"حاتم رشيد" في "عمارة يعقوبيان" وأنا عموما أميل للأدوار متعددة الجوانب وليست أحادية الجانب.
هل قمتم باستشارة طبيب متخصص للوقوف على أعراض وشكل المرض الذي تم بناء أحداث الفيلم عليه ؟
هذه الجزئية تخص مؤلف ومخرج الفيلم ومادمت قد وثقت فيهم واحترمتهم وقبلت العمل معهم فلن أسأل ورائهم إذا أكدوا لي أنهم حصلوا على توثيق علمي لهذا المرض بالإضافة إلى أنني لا أجسد دور المريض وإنما دور آخر , فأنا أركز على شخصيتي فقط لأنني ممثل داخل الفيلم ولست المسئول الأول عنه , فإذا كانت شخصيتي بها جوانب نفسية فإنني أسأل عنها، وطبيعة شخصية "وليد" التي جسدتها بالفيلم كانت بها جوانب تحتاج مني للبحث عنها مثل قيادة الموتوسيكلات والفرق بين الهندسة المعمارية وتنفيذ المشاريع..
وعندما عملت مثلا مع شريف عرفة في فيلم "الجزيرة" سألته : هل الأشياء التي تقال في الفيلم عن الشرطة في الصعيد تحدث على أرض الواقع فقال لي نعم وأنا لن أبحث بعده لأنني أثق فيه ومن الأفضل أن أبحث عما يهمني حول الشخصية التي أجسدها بالفيلم , هذا بالإضافة إلى أنني لا أحب الممثل الذي يتعدى حدوده , فأنا هنا جندي في كتيبة وعلي ألا أتعدى حدودي كممثل.
ما حقيقة خلافاتك مع تيم الحسن بسبب إسناد دور البطولة له وتجسيدك لدور البطولة الثانية بالفيلم ؟
هذا الكلام غير حقيقي وأول مرة أسمع عنه وأحب أن أوضح أن سيناريو الفيلم عرض على مبكراً جداً حتى قبل ظهور تيم في الصورة وكان هناك فنانون آخرون مرشحين للدور وقد تم تخييري بين الدورين فاخترت بكامل إرادتي وبكامل وعيي أن ألعب دور الأخ , وقد قمت بالبطولة المطلقة في فيلم "أدرينالين" ثم قبلت أن أقدم بطولة مشتركة في "ميكانو" بالإضافة إلى أن "تيّم" شخص محترم جداً , يحترم فنه ويحترم مواعيده ويحترم زملائه , دمث الأخلاق وأعتقد أن من يختلف معه سيكون هو المخطئ بنسبة 99% , وصداقتي به مازالت متواصلة ومستمرة ولا يوجد ما يعكرها .
عبرت عن أفكارك السياسية من خلال عروضك المسرحية .. فهل ترى إمكانية تحقيق ذلك في السينما ؟آه ممكن , وبإذن الله هذا سيحدث بالفعل , وإذا كانت لدينا اليوم مشكلة في خروج الفيلم السياسي فمشكلتنا الأساسية مع جهاز الرقابة على المصنفات الفنية هذه هي مشكلتنا الأولى والكبيرة والتي تحول دون خروج الفيلم السياسي الذي يعبر عن الناس وعن همومهم , فجهاز الرقابة أنشئ في رحاب وزارة الداخلية وهو نوع من أنواع رقابة الشرطة على الأفكار ولا شرعية له , ولو أردنا البحث عن حلول بديلة فأنا شخصيا لدى عدة حلول مثل أن ننشط الدور الأهلي بدلا من الدور السلطوي وهناك أشكال أهلية يجب أن يضخ إليها الدم من جديد مثل النقابات والجمعيات والنوادي كل هذه الأماكن يمكن أن تتمتع بدرجة من النزاهة أكثر من جهاز رقابة تابع للدولة، من خلال هؤلاء يمكن أن أنتخب لجنة للرقابة وبشكل مرحلي ومؤقت ولا تتحرك إلا إذا ثارت الجماهير على فيلم ما , مثل أن يتم التعرض للأديان أو ما إلى ذلك..
وأنا أطالب بإسقاط كل أشكال الرقابة على الأفكار والفنون والإعلام على مستوى الوطن العربي كله فهذا ليس اعتداءا على الفن أو الفنانين وإنما هو اعتداء على الجماهير ذاتها..
كنت أول من نظم المظاهرات لدعم إخواننا في لبنان وفى فلسطين .. فما ردك على من يرى عدم جدوى هذه المظاهرات ؟
أنا دعوت زملائي الفنانين وكنت موجودا في تلك المظاهرات وحرصت على دعوة الإعلاميين والصحفيين لكنني في النهاية جندي في كتيبة كبيرة وأعتبر أن دوري هو الدعاية لمبادئ أرى أنه لا يصح التراجع عنها ففي الأوقات الحرجة يكون مطلوباً منك أن تقبض على جمرتك أكثر من الأوقات التي فيها أريحية , فنحن الآن في ظل أزمات عربية ويجب أن يظهر دورك في تلك الحالة , أما عمن يرون أنه لا جدوى من هذه المظاهرات فأنا أدعوهم لمشاهدة المظاهرات الحاشدة التي تتم في أوروبا وأمريكا من أجل قضايا مختلفة ونجوم هوليوود يلعبون دورا هاما في هذا الأمر فمثلا (روبرت دي نيرو) ينتمي إلى حركة "ليس باسمنا" و(شون بين) ذهب لزيارة العراق أثناء الاعتداء عليها من بلده وكذلك فعل (اوليفر ستون) مع الأفغان .
إنك لا يمكن أن تغير واقعك الاجتماعي والسياسي إلا بتضافر الجهود الذي يتخذ أشكالا مختلفة منها المظاهرات والاعتصام والإضراب .
قمت مؤخرا بإصدار ديوانك الجديد "أجراس" .. فمتى وكيف بدأت رحلتك مع الكتابة ؟
رحلتي مع الكتابة بدأت عندما كان عمري 8 سنوات عندما كتبت قصة وتخيلت فيها أن المُدّرسة تعمل كراقصة في كباريه ولما اكتشفوها قاموا بفصلي من المدرسة والحمد لله أن إدارة المدرسة كانت تافهة لأنها عندما فصلتني فقد أصرت على المضي قدما في طريق الكتابة والتعبير عن رأيي بأي شكل من الأشكال وقد عملت لفترة كصحفي تحت التمرين بمجلة صباح الخير كما أنني أعبر عن آرائي من خلال العديد من الوسائل لعل أشهرها هو مدونتي التي أتلقى من خلالها آراء جمهوري فيما أكتبه وفيما أقدمه كممثل..
تجسد دور سائق ميكروباص في فيلمك الجديد "الفرح" فهل أصبحت الشخصيات الشعبية تستهويك بعد نجاحك في فيلم "كباريه" ؟
الأدوار الشعبية تستهويني من زمان فأنا واحد من الطبقة المتوسطة وعائلتي كبيرة بالمعنى العددي وبها منحنى من أول الباشوات وحتى " البروليتاريا" وأنا أنتمي لطبقة متوسطة فقد دخلت مدارس لغات بالفعل لكنها لم تكن باهظة التكاليف مثل الآن ووالدي محامي عصامي بدأ من الصفر وبنى نفسه بنفسه وقد رباني على ذلك , وارتباطي بالطبقة الشعبية مستمر وممتد منذ أن كان عمري سبعة عشر عاما وتحديدا منذ قررت أن أصبح يساريا وأعلنت حينها بصورة عملية أنني منتمي للطبقات الشعبية , فأنت لا تقرر فجأة الانتماء لهم ولكن هذا الانتماء موجود بداخلك منذ الصغر وعند لحظة معينة يظهر ما يعبر عن ذلك..
هل اضطررت يوما لتقديم تنازلات وقبول أدوار غير مقتنع بها تحت وطأة الحاجة ؟
لا ولكنني اضطررت أحيانا لقبول أدوار كانت أفضل اختيارات بين ما كان يعرض علي وقتها لكن هذا لا يعني أنني خجلان من أي دور قدمته فأنا عمري ما اشتغلت دور وأنا مرغم عليه فأنا لا أعمل من أجل شراء فيلا أو سيارة أحدث موديل فحتى العام الماضي كانت سيارتي متوسطة وقمت هذا العام بتغيير السيارة ولكن بنفس الطريقة العصامية حيث ادخرت ثمنها على مدار أعوام من العمل وأنا أتمنى أن يكون كل شاب في مصر عصامياً لكن على ألا يتعذب عشرين عاما وهذا لن يحدث إلا بتغيير النظام , فأنا رأيي أن النظام السياسي والاجتماعي والثقافي في مصر, وكل ما يرتبط ببناء الدولة والمجتمع في حاجة إلى تغيير شامل وهذا مطلوب في العالم العربي كله من المحيط إلى الخليج لا أستثني أحدا..
تجسد دور لبناني في فيلمك الجديد "السفاح" .. فلماذا لم تتم الاستعانة بممثل لبناني لتجسيد الدور ؟
أقدم دور لبناني من المرتزقة عدد مشاهده قليلة لكن تأثيره ممتد على الشخصية الرئيسية في العمل والتي يلعبها هاني سلامة , وأنا أرى أننا شعب عربي واحد ولا يجب أن نتحدث بمثل هذه الإقليمية فهذا تفكير ملوك الطوائف ونحن نريد عالم عربي واحد فالأوروبيين اتحدوا ولديهم 50 لغة بينما لا نستطيع أن نفعل ذلك وتجمعنا لغة واحدة وإذا كانت السياسة تفرقنا رغما عنا فالفن يجمعنا رغما عنهم..!!
لماذا؟ لأنك في الخليج أو في المغرب العربي أوفي أي مكان ينطق بالعربية ستستمع إلى أم كلثوم وتصفق لسعاد حسني وأحمد زكي , وهذا دورنا فنحن نحقق الوحدة جزئيا من خلال الفن ولن نسمح لأحد بأن يدمر هذه العلاقة , وتدليلا على ذلك أنني عملت مع تيّم وهو سوري يجسد شخصية مصري في "ميكانو" وأنا أجسد شخصية لبناني في "السفاح" وهذا هو الشيء الصحي والصحيح..
كنت تحلم بتجسيد دور السفاح في هذا الفيلم وهي الشخصية التي يلعبها هاني سلامة .. فهل أنت نادم على إفلات الدور من بين يديك ؟
أرى أن هاني سلامة هو أنسب من يجسد هذا الدور لأن من أساسيات الفكرة في دور السفاح أن يكون شابا في مقتبل العمر , ولا أنكر أنني كنت أطمح لتجسيد الدور لكن ذلك كان منذ عشرة أعوام إنما أنا اليوم عندي 45 سنة ومن غير المعقول أن أقدم دورا لشاب في العشرينات أو الثلاثينات وهذه الحكمة تعلمتها من جيل الرواد فعندما شرع أنور وجدي في تنفيذ فيلم "غزل البنات" كان ينوي تجسيد شخصية الأستاذ حمام فنصحه يوسف وهبي ألا يفعل ذلك وأن يسند الدور لنجيب الريحاني فيأخذ برأيه ويكتفي بالدور الصغير الذي قدمه في الفيلم وهو المنتج والمؤلف والمخرج فهذا درس أفخر أنني تعلمته منهم ..
حوار / كمال سلطانالتسميات: حوارات فنية