السبت، 21 فبراير 2009
جمال الغيطاني يفوز بجائزة زايد للأدب..!! - أخبار

فاز الأديب الكبير جمال الغيطاني بجائزة الشيخ زايد آل نهيان للآداب بالإمارات العربية المتحدة ، عن روايته ( رن ) ، التي أشتق اسمها من الكلمة الشعبية " شنه ورنة " ، الرواية هي السادسة في سلسلة كتابات الغيطاني التي حملت عنوان دفاتر التدوين الصادرة عن دار الشروق بالقاهرة ، الأولى كانت تحمل عنوان ( خلسات الكرى) ، الثانية (دنى فتدلى) ، الثالثة (رشحات حمراء) ، الرابعة (نثار المحو)، الخامسة (نوافذ النوافذ)، أما رواية (رن) فهي تصور رحلة الكاتب عبر الذاكرة إلى مصر القديمة، وأساطيرها، وتراثها المنسي، والرحلة الروحية التي تتوازى مع رحلة واقعية يقوم بها الكاتب منطلقا من هضبة الهرم باتجاه جنوب مصر..

يذكر أن الغيطاني كان من أسرة بسيطة، وقد ولد في قرية الجهينة بصعيد مصر، وهى قبيلة عربية دخلت مصر مع الفتح الإسلامي، وقد جاء والده من الصعيد ليستقر في القاهرة القديمة، حيث نشأ، وترعرع "الغيطاني" في درب "الطبلاوي" الذي كان يتواجد فيه قصر قديم يسمى "المسافر خانة" - التي احترقت نتيجة الإهمال، والفساد عام 1988 ، هذا القصر الذي كان محفوفا بالأساطير المتوارثة فى تلك المنطقة، وقد اعتاد وهو طفل صغير اللعب مع أصدقائه في مدخل هذا القصر، الذي كان يؤدي إلى ما يشبه الجنة الصغيرة ، وقد أخذ يتعرف على هذا البناء شيئا فشيء كلما تقدم به العمر ، حتى تجرأ يوما ودفعه فضوله إلى دخوله ، وتفحصه عن قرب ، والذي كان له أعظم الأثر في نفسه ، وأحد أهم العوامل التي شكلت وعيه ، وذاكرته ، وتكوينه الروحي..!


على ناصية درب " الطبلاوي " كان هناك مسجد سيدي مرزوق الأحمدي – وهو أحد تلاميذ السيد البدوي – وقصر الشوق، ومسجد سيدنا الحسين وجامع الأزهر الذي يدين له بتكوينه الفكري، والروحي، حيث أن الأزهر لم يكن مجرد مؤسسة دينية، وإنما كان أشبه بجامعة بكل معنى الكلمة، حيث كانت تدرس فيه جميع العلوم الوضعية، إلى جانب العلوم الشرعية حتى بداية القرن 19، وحين بلغ السادسة من عمره كان قد تعلم القراءة في مدرسة ( عبد الرحمن كتخدا )، وكانت والدته قد اكتشفت عشقه للقراءة ، وموهبة الحكي في فترة مبكرة جداً، وفي يوم ما وأثناء عبوره ميدان سيدنا الحسين، الذي كانت تحيط به المطابع القديمة التي كانت تزود الطلاب بالعلم، وجد عند أحد الوراقين كتاب (البؤساء) ، للكاتب الفرنسي " فيكتور هوجر" ، والذي كان بداية دخوله عالم قراءة الأعمال الإبداعية المترجمة، وفى سن التاسعة من عمره كان يقرأ كتب التراث العربي القديم، ومنها كتاب ألف ليلة وليلة التي كانت من أولى الأعمال العربية التي قرأها، وكتب عنها فيما بعد، واكتشافه الصلات ما بين بنائها الروائي، وبناء وتصميم بعض أمهات الكتب في التراث العربي ، ومنها على سبيل المثال (الفتوحات المكية) لأبن عربي ..

ومع بداية تعرف " الغيطاني " على دار الكتب والوثائق المصرية ، بدأت قراءته تتطور شيئا فشيء، حيث تمكن من قراءة الموسوعات العربية التي لم يكن في مقدوره اقتناؤها ، كما تمكن من قراءة جميع الكتب التي كانت تصل من بيروت، ومن جميع أنحاء العالم العربي، والأدب الشرقي، والغربي المترجم، والتي لم تكن متوافرة في الأسواق.

أما بداية كتابة "الغيطاني" في مجال القصة القصيرة فكان عام 1959، وكان لا يزال متأثرا بقراءته للأدب الغربي، ولكنه حين بدأ يكتب الرواية جاءت معظم كتاباته تعكس هموم الوطن، وقضاياه، ولذا دعى "الغيطاني" الأجيال الجديدة من المبدعين إلى أهمية استيعاب، وهضم ثقافة الآخر قبل الشروع في الكتابة ، لأنه لابد أن يكون للكاتب فكره، وصوته الخاص به، لأن المبدع الذي لا يضيف جديدا في تراث أمته، والتراث الإنساني عموما يكون مجرد ناسخا، ومقلدا تقليدا أعمى للآخرين، وليس مبدعا حقيقيا، لافتا النظر إلى أن جوهر الصراع الحالي في منطقة الشرق الأوسط هو صراع ثقافي بالدرجة الأولى، وبالتالي فإن علينا فهم، واستيعاب كل ما يطرح من أساليب جديدة من قبل الغرب الذي يسعى إلى طمس الهوية العربية، والإسلامية، محذرا من محاولات تجاهل ، وإسقاط التراث العربي - الذي لا يقدر بثمن - عن عمد من الذاكرة العربية، وإنه علينا البدء من حيث انتهوا إليه والإضافة والتجديد بما يتلاءم ومعطيات العصر الحديث..!

قلم / نهال قاسم