
فازت المجموعة القصصية الجدة أمينة للكاتب حسام فخر، بجائزة ساويرس للقصة القصيرة هذا العام ، والصادرة عن دار ميريت للنشرعام 2007 ‘ والرواية يستعيد فيها الكاتب حكايات جدته له فى مرحلة طفولته ، عن نفسها ، وعن حكايا الشاطر حسن ، والجميلة النائمة ، وحكايا مصرالقديمة ، وتاريخها العريق ، وحرصها على المحافظة على لغتنا العربية ، والألقاب ، والعادات والتقاليد المتعارف عليها ، فى لغة عامية ، عفوية ، مباشرة أقرب إلى الشاعرية ، والتى تتناسب مع شخصية أمينة البسيطة ، والمثقفة فى ذات الوقت !
عالم البراءة !حكايات أمينة تمثل لنا بكارة الطفولة ، وعوالمها الحكايا السحرية التى كنا ننام على آثرها ، وما تخلفه لنا من مشاعرلاتنسى ، ولا تتكرر فى أى مرحلة عمرية أخرى ، ونحن نعود لنستعيد تلك اللحظات الماضية ، عبر قراءة هذه الحكايا الطفولية التى كانت تروى من الجدة أمينة لحفيدها المؤلف ، لنستعيد بها تلك اللحظات النادرة ، التى كنا نشعر فيها بالسعادة ، والمتعة الحقيقية !
لقد نجح الكاتب فى تقديم خلاصة تجربة الجدة عبرمشوارعمرها الطويل ، من خلال هذه الحكايا التى كانت تقوم بروايتها إلى حفيدها ، متخذة من أحداث ثورة يوليو 1919 محور أساسى لها ،
مازجة الواقع بالخيال ، ممتلئة بفكر ، ومشاعرها المعبرة عن فكرعصرها ، وتضمنها بعض المعلومات القيمة ، والخبرات الحياتية ، والعقائدية ، التى عاشتها عن قرب ، وخاصة مع إقترابها من الخالق عزو جل ، وحبه ، وعطاؤه لها ، وتأكيدها إن كل مخلوقاته تسبح بإسمه ، وإن كنا لا نفقه تسبيحها ، عبروصفها ترتيل قطتها للقرآن الكريم ، وتسبيح الله سبحانه ، ( حين كانت تأتى ليلا إلى جوارها ، وتتقلب فى فراشها مرة ، أوإثنين حتى تجد الوضع المريح بالنسبة لها ، ثم تغمض عينيها ، و تبدأ فى الكركرة ، فى صوت يهدىء الأعصاب ، ويرخى العضلات ، ويملاء القلب سلاما ..) هذا الصوت الذى تعتبره الجدة نوعا من التسبيح ، وترتيل القرآن ، الذى يبعد عنها الكوابيس ، والشياطين أثناء نومها !
بحثا عن الذات !
إستدعى الكاتب الذى يعيش حاليا فى نيويورك ، تلك المدينة الجامعة لكل الجنسيات ، شخصية الجدة كنموذج للشخصية المصرية الواقعية ، فهى إبنة ثورة 1919 ، التى كانت من أكثرالفترات الزمنية ، والسياسية ثراء ، حيث كان يسود فكرة قبول الآخر ، وحرية الإختلاف ، وإحترام حرية الرأى ، والتعبير، - وتوظيفه لصالح هذه الثورة - وهو جزء من فلسفة هذه الثورة كما صورتها له جدته من خلال حكاياها التى أعاد الكاتب تقديمها من خلال رؤية عصرية ، تحمل فكره ، ومشاعره ، وهمومه ، ومشاكله ، وأفكارعصره ، بعيدا عن الحواديت العادية ، أو الإنسياق وراء الحنين الجارف ، ناقدا أحداث تلك الفترة ، وتقييمها ، وكذا شخصية كل من سعد زغلول زعيم الأمة ، والرئيس المصرى الراحل جمال عبد الناصر الذى عشقته الجدة ، ليس لأنه طرد الإنجليزمن مصر ، ولكن لأنه حقق لها دعائها ، وجلب لها السينما فى البيت عبرشاشة التليفزيون المصرى ، مؤكدا إن هذه الحكايا كانت بمثابة طوق النجاة لما يشعر به من غربة ، وتمزق ما بين الهويتين المصرية ، والأمريكية !
قلم : نهال قاسم