السبت، 28 فبراير 2009
رحيل الطيب صالح..!- اخبار


توفي الروائي السوداني الكبير ، الطيب صالح الأربعاء 18 فبرايرفي إحدى مستشفيات العاصمة البريطانية لندن ، عن عمر يناهز الثمانين ، بعد رحلة عطاء طويلة فى مجال الأدب ، والثقافة ، والصحافة .

ولد الطيب في إقليم مروى شمالي السودان عام 1929 ، بقرية كرمكول بالقرب من قرية دبة الفقراء ، وهي إحدى قرى قبيلة الركابية التي ينتسب إليها ، حيث عاش طفولته فيها ، ثم إنتقل في شبابه إلى الخرطوم حيث إستكمل دراسته الجامعية فيها ، وحصل على درجة البكالوريوس في العلوم ، ثم مارس التدريس لفترة ، سافر بعدها إلى إنجلترا لمواصلة دراسته حيث حصل على شهادة في الشئون الدولية ، ثم عمل منذ عام 1952 مذيعا في القسم العربي بالإذاعة البريطانية في لندن ، وظل يترقى بها حتى وصل إلى منصب مدير قسم الدراما ، وبعد إستقالته منها ، عاد إلى السودان حيث عمل لفترة في الإذاعة السودانية ، ثم عمل في وزارة الإعلام القطرية في الدوحة ، ثم شغل في باريس منصب ممثل في اليونسكو ، في دول الخليج في الفترة 1984- 1989 ، وقد أكسبته حياة الترحال والتنقل بين الشرق ، والغرب ، خبرة واسعة بأحوال الحياة ، والعالم ، وأحوال أمته ، وقضاياها خاصة ، وهو الأمرالذي إستفاد منه في أعماله الإبداعية .

في مجال الصحافة كتب الطيب خلال عشرة أعوام عمودا أسبوعيا في إحدى الصحف البريطانية ( المجلة ) التي تصدر بالعربية ، كما صدرت مقالاته الصحفية في سلسلة كتب عن دار رياض الريس .

الطيب كتب ثلاث روايات ، والعديد من المجموعات القصصية ، التي تمت ترجمتها إلى أكثر من ثلاثين لغة ، ومنها ( نخلة على الجدول ) ، ( دومة ود حامد ) عام 1969، ( ضو البيت ) عام 1972 ،( المريود) ،( الرجل القبرصي) عام 1973، (يوم سعيد على شاطىء أم باب) عام 1993 ، ( المنسي ) عام 2004 ، وقد لاقت روايته (عرس الزين ) التي تم نشرها عام 1964 ، وصورت الريف السوداني ، وشخصياته ، ونوادره ، والتي تم تحويلها إلى عمل درامي في ليبيا ، وفيلم سينمائي من إخراج المخرج الكويتى خالد صديق في أواخر السبعينيات ، والتي فازت بجائزة مهرجان كان ، وقد كان النجاح الذي حققته روايته الثانية ( موسم الهجرة إلى الشمال ) عام 1971، التي كانت سببا في ذيوع شهرته ، وتعريفه للقارئ العربي ، فقد كانت من أولى الروايات العربية ، التي جسدت صراع الحضارات ، والثقافات ، وموقف الإنسان في دول العالم الثالث ، ورؤيته للعالم الأول المتقدم ، هذا الإنسان الذي آمن به ، وعبر عن همومه ، وآلامه ، وأفراحه ، و أحزانه .

يذكرأن السلطات السودانية كانت قد منعت تداول هذه الرواية في التسعينيات من القرن الماضي، بحجة تضمنها مشاهد جنسية ، كما أثارت هذه الرواية جدلا واسعا في مصربسبب طابعها الجريء ، وطالبت بعض الأصوات المحافظة بمصادرتها ، ولكن نظرا لقيمتها الفنية العالية ، فقد حصدت هذه الرواية العديد من الجوائز، فقد تم إختيارها عام 2002 ،من بين أفضل مائة رواية في تاريخ الأدب الإنساني ، كما تم إختيارها كأفضل رواية عربية في القرن العشرين ، وقد تم طبعها ضمن كتب مكتبة الأسرة في بداية إنطلاقها منتصف التسعينيات .

وقد حاز الطيب على جائزة ملتقى القاهرة الثالث للإبداع عام 2005، وكانت بعض الجمعيات ، والمؤسسات الثقافية السودانية قد دعت مؤخرا إلى ترشيح الطيب صالح للحصول على جائزة نوبل للآداب ، رحم الله الطيب صالح الذي كان يعد أحد رواد الرواية العربية المعاصرة ، و الذي كان أحد حماة اللغة العربية ، والحريصين على سلامتها ، وقد أسهم من خلال أعماله الإبداعية الراقية في نشرها على مستوى العالم .


قلم / نهال قاسم