السبت، 11 أبريل 2009
كيف يمكن فهم توجهات إسرائيل السياسية وتضارب ردود أفعالها..؟؟



منذ تولي الرئيس المنتخب بارك أوباما لمقاليد الأمور في الولايات المتحدة الأمريكية معه مطلع العام الحالي والعالم كله يتابع كيف ستتغير سياسية العالم بقيادة أمريكا مع وصول أول رئيس أسود للبيت الأبيض..!!
لكن المراقب لسياسة أوباما حاليا سيتأكد له أنه حتما لن يكون كسابقه من حيث الرعونة في اتخاذ القرارات التي تمس دولاً أخرى وأنه يبدوا دبلوماسياً جداً في التعامل مع جيرانه سواء القريبين منه أو البعاد عنه..
لكن كيف ستكون إسرائيل مع أو ضد دبلوماسية الرئيس الأمريكي الجديد.. خاصة وأن إسرائيل هي الحليف الاستراتيجي لأمريكا في المنطقة العربية..؟؟
الواقع الواضح الآن يؤكد أن سياسات إسرائيل ستتبع سياسات أمريكا سعيا للتنسيق معها حتى لو كان ما ستفعله أمريكا لا ترضى عنه إسرائيل فإسرائيل التي ملئت الدنيا ضجيجا عن الخطر الإيراني وخطر السلاح النووي الذي تمتلكه إيران ولا زالت تسعى لامتلاكه فجأة اختفي بمجرد أن أعلن الرئيس الأمريكي عن نيته للتحاور مع إيران .. بل أن إسرائيل لم تكتفي بالصمت عن هذا الموضوع فقط بل بادر رئيسها شمون بيريز بأخذ خطوة غريبة لم يكن أحد ليتوقعها وهي إرسال رسالة تهنئة إلي الشعب الإيراني بمناسبة عيد النيروز الإيراني وهو الذي يوافق رأس السنة الجديدة طبقا للتقويم الإيراني
والغريب أن بيريز قال في رسالته للشعب الإيراني أن هناك مكانة خاصة لإيران ولشعبها في تراث الشعب اليهودي مشيرا إلى أن الملك الفارسي قورش الكبير هو الذي سمح للشعب اليهودي بالعودة إلى وطنه من المنفى في بابل وببناء الهيكل الثاني على حد قوله..

وفي نفس الوقت انتقد الرئيس الإسرائيلي نظيره الإيراني أحمد نجاد وقال "أنه يتعجب أن يتولى شخص مسئولية الحكم في إيران ويستهتر بضحايا المحرقة (الهولوكوست)" غير أنه أعرب عن يقينه بأن الصداقة الحميمة ستعود لتسود العلاقات بين البلدين في القريب العاجل..


وبالطبع تبرز هنا العديد من علامات الاستفهام.. فهل ما تفعله إسرائيل هو فقط إتباعا لخطوات الرئيس الأمريكي مع إيران أم انه خوف من إيران وقوتها العسكرية ام كيف يمكن تفسيره..
وفي جميع الأحوال فالصورة الواضحة أن هناك ثمة حرص وخوف نسبى من أن يخرج المارد الإيراني فجأة ضد البطش الإسرائيلي في فلسطين ولبنان وحينها قد لا تستطيع إسرائيل المواجهة لذلك يسعون لاسترضاء الجانب الإيراني وكسب مودته من خلال توجيه الرسالة إلي الشعب وليس الرئيس..
وبالطبع هذا يوضح مدى عدم رضا إسرائيل عن أحمد نجاد كشخص خاصة وأنه آثار غضب وسخط إسرائيل كثيرا عندما شكك – عبر عدة تصريحات متكررة عام 2005 – في المحرقة النازية لليهود ووصفها بأنها "أسطورة" كما وصف إسرائيل بأنها "ورم سرطاني" ينبغي استئصاله ويجب أن تمحى من الخارطة..!!

والمعلوم أن طهران استضافت عام 2006 مؤتمراً أثار شكوكاً بشأن المحرقة التي تتحدث عنها إسرائيل ودعوى ما تردده عن مقتل ستة ملايين يهودي أثناء الحرب العالمية الثانية..
و كذلك نظمت في نفس العام مسابقة ومعرضاً دوليين لرسوم ساخرة من المحرقة بخلاف إصدار دار نشر إيرانية كتاباً يتناول المحرقة بما وصفته بـ"التحريف التاريخي الكبير" للمحرقة..!!

وعلى الجانب الآخر في فلسطين منعت إسرائيل احتفال السلطة الفلسطينية بمدينة القدس كعاصمة للثقافة العربية عن عام 2009وقد اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي المبنى الرئيسي لاحتفالية القدس عاصمة للثقافة العربية وأخلته بالقوة وأصدر وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي آفي ديختر تعليماته إلى الشرطة بقمع أي محاولة للسلطة الفلسطينية لإقامة تلك الاحتفالات في القدس والناصرة..
هذا بخلاف عمليات الاعتقال لعدد من المسئولين عن الاحتفالات من بينهم مستشار رئيس الوزراء الفلسطيني لشئون القدس حاتم عبد القادر

ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل وصل إلي أن رفضت قوات الاحتلال الإسرائيلي السماح للوفود العربية المشاركة في احتفالية القدس عاصمة للثقافة العربية بالتوجه في طائرات مروحية من العاصمة الأردنية عمان إلى مدينة بيت لحم الفلسطينية مما اضطر الوفود إلى التوجه بريا عبر جسر الملك حسين الذي يربط الأردن بالأراضي الفلسطينية.
ورغم هذا التصعيد من جانب إسرائيل أطلق الرئيس عباس من بيت لحم فعاليات الاحتفالية إيذانا ببدئها رسميا من خمسة مواقع يربطها البث الفضائي هي القدس وبيت لحم وغزة والناصرة ومخيم مار إلياس في لبنان.

وبالطبع لم تخلوا كلمات الرئيس الفلسطيني في كلمته الافتتاحية على أنه ينبغي لأي حكومة إسرائيلية جديدة تأكيد رغبتها في السير على طريق السلام والاعتراف بحل الدولتين ووقف الاستيطان..!!

لكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن كيف تبدوا إسرائيل كدولة تسعى للسلام مع إيران في الوقت الحالي وهى لا تزال تريق دماء الفلسطينيين كل يوم وتنتهك ابسط حقوقهم الآدمية.. وتعتقل منهم الكثير والكثير وتضيق عليهم كل سبل الحياة..



وهل يتصور قادة إسرائيل أن العالم سيسعد لسعيها للسلام مع ايران ويدها ملوثة بدماء الفلسطينيين..
وكيف لإسرائيل أن تمنع احتفال كهذا أصلا وهو ربما يكون مفيد للطرفين.. وهل تتصور إسرائيل أن احتفال فلسطين بالقدس عاصمة للثقافة العربية يعني أن فلسطين تسعى لتملك زمام الأمور على القدس كاملة لتكون عاصمة فلسطين بلا وجود للتقسيم قدس شرقية وأخرى غربية..

والحقيقة أيا كانت التصورات والرؤى فأن الضال لابد وأن يخطئ لتنكشف حقيقته أمام الناس وها هي إسرائيل تفضح نفسها أمام الغرب الذي يزيف الأعلام اليهودي فكره بتصرفات تفضح مدى ازدواجية المعايير لدى إسرائيل وأنها تخشى الطرف الأقوى والذي ربما يكون مصدر للخطر فعلا على أمن إسرائيل الذي صدعت به رؤوسنا ليل نهار..
وهو ما من المفترض أن يعيه قادة السلطة الفلسطينية..!!

قلم / ماجد إبراهيم

التسميات: