التنمية البشرية ، هي التنمية الروحية لطاقات الإنسان الكامنة ، والظاهرة ، والعمل على تحسينها ، وتنميتها باكتساب المهارات المختلفة ، والتمسك بالدين ، والأخلاق الحميدة ، وتغيير أسلوب التفكير السلبي ، ونمط الحياة الروتينية ، والتحلي بالإيجابية، والمرونة ، والتنظيم ، والتخطيط ، ووضع هدف لحياة الإنسان يدفعه إلى السعي ، وبذل الجهد ، والصبر على كل ما يواجهه من مشاكل ، وعقبات ، حتى يتمكن في النهاية من تحقيق هدفه المنشود !
بحثا عن السعادة !
في أحدث كتاب للدكتور إبراهيم الفقي – رائد التنمية البشرية ، وهو بعنوان ( أيقظ قدراتك و أصنع مستقبلك ) ، أبدى "الفقي" ، تساؤله حول مدى استمتاعنا بالحياة ، وشعورنا بالسعادة ، أو التعاسة ، وهل نعيش حقا حياتنا كما ينبغي لنا أن نحياها ، وإنه في حالة الجواب بالنفي ، لابد لنا أن نتساءل :- إذن متى سوف نحياها..؟؟!! ، مؤكدا أن هناك أقل من 3 % في جميع أنحاء العالم هم الذين يستمتعون بحياتهم ، بعد أن تمكنوا من تحقيق السعادة الكاملة..!!
يشير "الفقي" ، إلى احتياجات الإنسان الأساسية التي لابد له من تلبيتها ، وإلا وقع فريسة الإحباط ، والإكتئاب ، وهى كالتالي : -
أولا - حب البقاء الذي يمنحنا القوة ، والصبر ، والتحدي عند وجود أي مشاكل ، أو عقبات ويجعلنا ننطلق في حماس، وإصرار نحو تحقيق أهدافنا المنشودة .
ثانيا - الشعور بالحب ، والأمان ، يعطى الإنسان الدافع ، والأمل في تحقيق أصعب الغايات..!!
ثالثا - التقدير الذاتي لنفسه ، ومن الآخرين ، مستشهدا بمقولة رائد علم النفس الحديث الأمريكي "وليم جيمس" ، ( إنه لو انتظرنا التقدير من الآخرين سوف نقابل بإحباط تام ..) ، نظرا لأننا نتوقع من الآخرين تقدير بشكل ما ، فإذا حدث بشكل مغاير عن المتوقع ، نصاب بإحباط شديد..!!
رابعا- الصحة ، ويشير"الفقي" إلى إيقاع الحياة السريع في شتى مجالات الحياة ، الذي جعل العديد من الناس غير قادرين على التأقلم مع هذا التغيير سواء في الحركة أو الأكل – الوجبات السريعة – والزواج ، والطلاق الذي أزداد انتشارا خلال السنوات الأخيرة ، كما ازدادت نسبة الإصابة بالأمراض المختلفة ، وخاصة السكتة القلبية ، والسرطان ، والقرحة العصبية ، والأمراض العصبية عموما..
خامسا - الانتماء سواء للأسرة ، أو الوطن ، والذي أصبحنا نفتقده اليوم ، مع الانقياد، والتقليد الأعمى للغرب باعتباره الأكثر تحضراً ، وتقدم في شتى مجالات الحياة..!
سادسا - المرونة التامة ، والتحكم في الذات ، التي تبدأ بالسيطرة على الانفعالات الزائدة ، ومشاعر القلق ، والتوتر الشديد ، ومعرفة احتياجاتنا الشخصية ، التي تختلف من إنسان إلى آخر ، حتى نتمكن من فهم أنفسنا ، ومن حولنا بشكل أفضل.
سابعا - تحقيق الذات في الحياة ، والعمل ، أو الدراسة ، حتى نحسن من أنفسنا ، وحياتنا .
ثامنا - وضع هدف لحياة الإنسان ، أو حلم يسعى إلى الوصول إليه ، مؤكدا إنه : - لولا وجود المعنى لضاعت الأحلام ، ولولا وجود الأحلام لضاع الإنسان...!
تاسعا - الاستمتاع ، والرضا بما أعطاه الله لنا ، وبما حققه الإنسان من إنجاز سواء على مستوى العمل ، أو الدراسة ، والحياة عموما ...
عاشرا- علاقة الإنسان بربه ، إن الاقتراب من الله يشعر الإنسان بالسعادة الروحية ، مما يدفع الإنسان إلى تحسين صورته أمام نفسه ، والآخرين...
والسؤال الأخير كيف تستمتع بحياتك ؟
يؤكد "الفقي" في كتابه أن التغيير الحقيقي يأتي من تغيير طريقة تفكيرنا السلبية ، ومواقفنا إزاء الأشياء ، وعبر المصارحة ، والتحدث مع الذات ، من أجل فهم أعمق للنفس ، ومعرفة احتياجاتها ، ونوعية العمل المناسب لنا ، حسب قدرات الإنسان ، وإمكانياته ، وخبراته ، وتجاربه ، ومؤهلاته ، ثم الأخذ بالأسباب ، والاعتصام بالله سبحانه وتعالى ، والتوكل عليه ، مما يشعر الإنسان باختفاء جميع مشاكله ، وآلامه ، وأحزانه ، ويمنحه بالتالي القوة ، والصبر، والتحمل لكل ما قد يصادفه من مشاكل ، وعقبات ، مؤكدا إن كل باب يغلق في وجوهنا ، يفتح الله لنا باب أوسع ، وأفضل منه..!
قلم / نهال قاسم
التسميات: نقد أدبي