الخميس، 5 مارس 2009
في إحدى شوارع العراق - قصة قصيرة


صوت ينادي من بعيد: جاسر
شاب أسمر طويل.. قوي البنية.. حلو الملامح.. يلتفت إلى الصوت بسرور: بشاير، ما أجملها من صدفة
بشاير تبتسم بحياء : إني ذاهبة إلى السوق.. أمي تريد بعض الخبز واللبن
جاسر ينظر إلى عينيها السوداوان.. وشعرها الأسود الذي كاد أن يقترب من أسفل ظهرها.. والمعصوب بعقصة عريضة رمادية اللون.. وكأن شعرها أمتارا من الديباج تكاد تختنق بشريط من الصوف الشائك..
وهمس لها : اشتقت لك
وهمست : أنا أيضا
وأكملا السير بخطوات متقاربة وأرواح متعانقة.. ويدين أذابهما الشوق..
وهمس : متى سنتزوج؟؟
همست : عندما نبني البيت
همس : ومتى نبني البيت !؟
قالت : عندما نجد الوطن
قال : إننا في الوطن
وقالت : استنشق
هو : ماذا !!؟
هي : إنه غبار.. إن رائحته تملأ المكان
هو : ربما
هي : إنني لا أحتمل الغبار.... أريد وطنا لا غبار له..
ولا غبار عليه....
شرد برهة في الأرصفة والبيوت.. برهة أخرى في عيون الأطفال.. ثم شرد في عينيها.. وقال : لماذا تعقدين شعرك هكذا ؟؟ إني أحبه منسدلاً على كتفيك..
هي : إنه مثل روحي.. مكبل..
هو : إني أريد أن أحميكِ
هي : إنك لا تستطيع حمايتي
هو : أريد أن أسعدك
هي : و أنا أتمنى أن أسعدك..
ولكن أخبرني لماذا تمر من هذا الشارع ؟؟
جاسر : أقصد أحد محلات الأحذية.. أريد أن أشتري حذاءا جديدا..
آه .. ها قد وصلنا..
وقفا أمام محل الأحذية .. فإذا بلافتة ضخمة مكتوب عليها بالخط الأحمر العريض
"لقد منع شراء الأحذية"

قصة / إيناس حليم

التسميات: