الخميس، 12 مارس 2009
نحن شعب في منتهى السعادة..!!


منذ أشهر.. شاهدت أحد الحوارات الباردة على إحدى القنوات الفضائية التي أحب حقا متابعتها..
و التي تهتم كثيرا بالتفاؤل والنظرة التفاؤلية لمصر.. وتسليط الضوء على ايجابيات مصرنا الحبيبة..

وفي الحقيقة لا أعرف أدنى سبب لتذكري هذا الحوار الآن..
ربما لأنني قابلت اليوم الكثير من العيون الحزينة .. الفقيرة.. التي كان جليا فيها أن سبب حزنها هو ما تعانيه من مصرنا الحبيبة..

لا أذكر ملامح الضيف أو مركزه في الدنيا..
ولا أذكر أن الحوار أزعجني أو استفزني.. بقدر ما أضحكني..

ما أذكره جيداً جداً.. هو حديثه عن سعادة الشعب المصري.. و نسبة تلك السعادة في مصر التي تزيد عن 80%
في الواقع.. لم تستطع ابتسامة الاستهزاء الواسعة أن تبتعد عن ثغري حينها..
ولاحظت بخبث أنها لم تبتعد كثيرا عن ثغري المذيعين..

لا أعلم لماذا أول شيء طرأ على ذهني حينها.. تلك الفترة التي كان بها طابور العيش يصل إلى أمتار..
و تلك البالوعة على أول الشارع المتجه إلى عملي.. والتي يتعثر بها الأطفال عند خروجهم من المدرسة.. ويتعثر بها التاكسي.. ليكمل مشواري الروتيني بسلسلة من السباب والتأفف، بدءا من رئيس الحي والمحافظ ووصولا إلى الوزارات وأفراد الحكومة ( فرداً فرداً)..

لا أعلم لماذا قفز إلى ذهني أيضا منظر طوابير اللحمة في الأعياد أمام المصالح الحكومية والمصالح الخاصة والمساجد.. وبيوت الأغنياء...
وكمية الشحاذين وبياعي المناديل وبياعي ( الأونطة) التي لا مثيل لها في أي دولة أخرى من دول العالم..

لا أعلم لماذا قفزت إلى ذهني كل تلك المناظر حينها.. والعجيب أن ذلك الضيف الذي لا أتذكر اسمه أو كنيته..
كان يتكلم بمنتهى الثقة والاستفزاز المضحك.. المبكي..
ربما يكون له نظرة فلسفية ميتافيزيقية مبعدية أخرى.. لا أراها ولا يراها شعب مصرنا الحبيبة..
ربما..
فباستثناء أن مصرنا ورغم كل ما بها من خيرات.. فيها أكثر من مئة ألف قرية تحت خط الفقر..
فنحن شعب في منتهى السعادة..

وباستثناء شهداء طوابير العيش.. والأنابيب.. واللحمة..
فنحن شعب في منتهى السعادة..

وباستثناء أن أحاديث المصريين في الشوارع والبيوت والمواصلات.. بات لا يتمحور إلا حول ( لقمة العيش) التي هي أبسط حق من حقوق الإنسان..
فنحن شعب في منتهى السعادة..

باستثناء كمية الشباب المصري الذي لا يستطيع الزواج .. فإما ينحرف أو يعيش الباقي من حياته كارها للحياة وناقما على كل شيء.. أو يهاجر إلى الخارج فيتملص منه انتماؤه.. وتتملص سعادته..
وفي كل الأحوال النتيجة كمية من الشابات المصريات الحزينات.. الناقمات.. المتمنيات بشدة أن يكن أمهات..
فبالتأكيد نحن شعب في منتهى السعادة..

باستثناء مظاهرات فلسطين والعراق وكأس أفريقيا.. التي تملأ الشوارع وتفرغ الطاقات..
فنحن شعب في منتهى السعادة..

باستثناء أن مصر أصبحت أرضا خصبة للسب والانتقادات.. من أهلها ومن الغريب..
وباستثناء تشاؤمي.. وتشاؤمك.. وتشاؤمهم.. لمستقبل مصر القادم..
فبالتأكيد.. بالتأكيد.. نحن شعب في منتهى السعادة..

العجيب في الأمر أن ذلك الضيف الكريم الذي لا أتذكر اسمه أو كنيته.. ربط سعادة المصريين برضاهم..
إنني لا أعترض كون السعادة حقا في الرضا.. ولكن يجب أن يكون الرضا بالإرادة كي يسمى رضا..
ولكن عندما نرضى لأنه ليس هناك بديل.. فإنه لم يصبح رضا إذن.. وبالتالي لم تصبح سعادة...

انتهى الحوار الحمد لله.. وانتهت معه ابتساماتي المستهزئة المستمرة..
ووجدتني أتنهد تنهيدة طويلة.. وأتساءل!!
هل هناك أمل؟؟
أم أصبحت مصرنا الحبيبة أشبه بالرحى.. تدور وتدور..
ترفع ناس.. وتطحن ناس..
فتبقى هي كما هي.. عزيزة.. شامخة شموخ الاهرامات الصامتة..
ولا يبقى من الناس وإلى الناس.. سوى الفتات...
( باستثناء رجال الدولة.. ورجال الأعمال.. و ............أي رجال في أي حته)

قلم / إيناس حليم

التسميات:

2 Comments:
Blogger Noha Abdel aziz said...
بجد بجد احنا فى منتهى السعاده ومش نقصنا حاجه ايه يعنى مش قادرين حتى نحلم من غير ما نصحى على كابوس ولا خايفين بكره يجى كفايه علينا النهارده وبرضه بنضحك ههههههههههههههه

مش كده برضه ..؟؟
ده احنا سعداء بشكل
هانطرشق من كتر السعادة