الخميس، 5 مارس 2009
الحب الالكتروني




من يومياتي المتعبة -4


الحلقة الرابعة

كانت مصادفة عجيبة جدا تلك التي أدت بي إلى تعلم كيفية الدخول على الشبكة العنكبوتية (شبكة الانترنت) .. حيث قدر لي حضور ندوة فنية صغيرة مع إحدى مطربات عصرنا الحالي وفي منزلها حيث قبلت دعوة مجلة الشباب لزيارة مجموعة من قراء المجلة لمنزلها وكنت أنا احد هؤلاء القراء ..
وفي نهاية الندوة أو الزيارة إن شئنا الدقة منحت لنا تلك الفنانة وباعتبار أن عددنا كان محدود بريدها الالكتروني لكل شخص منا كي نراسلها عليه ونقول لها باستمرار رأينا في ما تقدمه من أعمال فنية ..
وكنت رغم انتشار الانترنت في ذلك الوقت (طور الله في برسيمه ) بعلاقتي بالانترنت..
وبالتالي كنت احتاج أن أتعلم كيف ادخل على الانترنت وأتعامل معه فمن مثلي يملك ايميل تلك الفنانة إلا عدد محدود ولان لي صديق يعرف في الانترنت فقد لجأت له ليكون معي وأنا أرسل لها رسالة شكر على حفاوة الاستقبال في منزلها .. وابلغني حينها انه لابد أن يكون لي ايميل أولا كي أستطيع أن أراسلها ..
ثم وبدون رغي كثير صنع لي ايميلي الأول على الهوت ميل وهو ايميلي حتى الآن وأرسلت لها رسالة الشكر .. وكنت اعتقد أنها لن ترد .. مثل كل الفنانين ..
وبعد عدة أيام دخلت مع صديقي إلى الإنترنت ولدهشتي كانت عدد الرسائل التي وصلت لي تفوق المائتين رسالة ولا اعرف كيف لكن من بين تلك الرسائل التي كان اغلبها باللغة الإنجليزية رسالة واحدة لا علاقة لها بتلك الرسائل المتشابهة .. ولم اصدق نفسي ..
إنها هي .. المطربة (.....) قد ردت على رسالتي .. معقولة ..
وقال لي صديقي مداعبا : ماشية معاك يا عم د أنت وصلت خلاص المطربة (.....) ترد عليك بنفسها ..
وكانت تلك هي البداية التي احترفت من اجلها الانترنت حتى أدمنته الآن وكان ذلك الأمر منذ نحو أربعة أعوام ..
ويوما بعد يوم تعلمت خبايا الانترنت وصنعت لنفسي إيميلات جديدة وتحول وقتي على الانترنت من نصف ساعة إلى ساعة إلى ساعات طوال تصل أحيانا معي إلى ما يفوق الأربع ساعات ..
وبالطبع دخلت إلى عالم الشات المثير بكل أنواعه .. وتعرفت على أصدقاء جدد كثيرين لكنني وبطبعي الميال إلى المعرفة كنت لا أفضل الشات مثل تفضيلي للبحث على المواقع عن كل ما هو جديد ومفيد ..
لكن الشيء الملف للنظر لي هو أنني كلما دخت كافية نت وجدت معظم الجالسين يستخدمون الشات ولا شيء سواه ..
وكل الأطراف ثنائية : فتاه تحادث شاب وشاب يحادث فتاه وهكذا والأغلب أن يكون الحوار حول الحب كل واحد يسعى للتعرف على الطرف الآخر .. بهدف أن يبحث عن نصفه الثاني .. وعجبي أن يكون الانترنت تلك الوسيلة العصرية للمعرفة ليس له لدى هؤلاء سوى باستخدامه في هذا العبث الطفولي الساذج
وبدلا من الاستفادة من خدمات الانترنت المتعددة تحول إلى وسيلة للتعارف والدردشة و .... والحب
لكن تبقى المشكلة في معرفة شكل الطرف الآخر وملامح وجه الشاب للفتاه أو ملامح وجهها للشاب .. فحتى استخدام الكاميرا لا يؤدى الغرض على ما يرام وعندما تصل الثقة إلى حد المقابلة الفعلية يصدم كل طرف في الآخر ..
لان كل طرف يكون قد بنى في خياله أوهاما وأحلاما للطرف الآخر وما إن يحدث اللقاء الشخصي حتى تنهار تلك الأحلام ..
ولأنني على دراية بهذا فقد عزلت نفسي عن تلك الأحلام حتى لا احلم فاستيقظ على كابوس مثل فيلم شورت وفانلة وكاب .. وحكاية العضلات المزيفة والجميلة الكركوبة وطبعا فاكرين ..!!!
وذات يوم جلست في كافية نت اعتدت الجلوس فيه دوما وبعد لحظات جلست على الجهاز الخالي إلى جواري فتاة اعتدت رؤيتها يوميا في هذا المكان .. فإلى جوار هذا الكافية كلية ..
ألقت الفتاة عند جلوسها السلام فرددت عليها السلام ولم أعيرها اهتمام أكثر من هذا خاصة وأنني كنت مشغول بالفعل هذا غير أنها بشكل عادى ولا أود أن أقول أنها دميمة كي تلفت نظري أو أبدى أي اهتمام بها ..
لكن ما أثار انتباهي فعلا هو دخولها على مواقع الدردشة والبحث عن شباب تكلمهم ولم تكن تكلمهم كنابتةٍ بل بالمايك وكلما وجدت واحد حدثته بصوت عالي جدا فتثير بصوتها انتباه كل الجالسين في الكافية ..
وكلما وجدت شابا ليس على هواها أغلقت في وجهه الحوار بعد دقائق معدودة ثم تبحث عن غيره .. وهكذا .. ثم فجأة وبعلو صوتها إذ بها تقول بعد ملل من الأحاديث الفاشلة .. يووووووو الشات بقى مقرف قوي .. الواحدة ما بقتش عارفة تلاقى واحد عدل تكلمه ..!!
ثم نظرت لي وكأنها تسألني الحل .. فابتسمت ابتسامة خفيفة وقلت لها : معلش اصبري واللي يصبر ينول .. ويا ليتني ما كلمتها ..
فبعد تلك العبارة منى وجدتها تقول لي أنت ميلك إيه ؟؟ فقلت لماذا ؟؟
فقالت بس قوله لي ؟؟ فارتبكت ولا اعرف كيف أعطيتها الميل وسرعان ما أضافتني ثم فتحت معي حوار عبر الشات وكلمتني ودعتني لنتعرف على بعض رغم أنها تجلس إلى جواري ولا يفصلنا إلا عدة سنتيمترات قليلة !!!
ولما استنكرت عليها هذا قالت اعتبر نفسك مش شايفنى وخذ راحتك ..
والحقيقة أنها هي التي أخذت راحتها وليس أنا ..
ورغم أنها لم تكن تحمل أي مقدار من الجمال كما ذكرت إلا أنني خضت معها تلك المحادثة من باب التجربة والفضول ولم تكن تدرى حينها أنها تحاور صحفي ..
وطبعا لم يكن هناك حاجة للمايك فتحدثنا عبر الكتابة ..
وتحدثت معها في كل شيء وعرفت منها اسمها وسنها ودراستها ومعلومات شخصية عنها وأشياء أخرى كثير .. والحق أنني استفدت منها في أسلوب حوارها إلا أنني اكتشفت كم كانت ذات شخصية سطحية ولا يهما أي أحاديث ثقافية بالمرة ..!!

وبعد عدة أيام دخلت إلى نفس الكافية مرة أخرى ووجدتها تجلس في نفس مكانها المعتاد ولم يكن جوارها خالي فجلست بعيدا نسبيا عنها ثم كلمتها عبر الشات فإذا بها تقول لي مش فاضية لك معايا واحد غيرك .. !! واندهشت من أسلوبها ثم سرعان ما ذهبت دهشتي لان هذا الأمر متوقع من شخصية غير سوية مثلها ..
ثم أصتنعت سببا به أقوم لأنظر إلى جهازها فاختلس النظر إلى من تحدثه فاكتشفت أنها تحدث شابا (لعله وسيم عنها) وقد فتح لها الكاميرا ولم تفعل هي .. ثم التقطت عيني بعض عبارات الشاب المتلاحقة لها .. ووجدته نازل فيها هيام وحب وغزل من اللي قلب البنات يحبوه قوى .. مثل قوله ...:
هو القمر طالع أزاي بالنهار ؟؟
ولما يطلع يطلع في جهازي أنا ؟؟
أنا علشان كده جهازي منور ..!!
ولم أتمالك نفسي من الضحك عليه وعليها .. لأنني كنت أود أن أقول له يا مغفل وكبير قوى .. والله لو شفتها لضربت نفسك بالصرمة على تلك الكلمات التي تقولها لها .. وآه لو تعلم أنها فقط تود سماع تلك الكلمات منك ومن غيرك ومن الكثيرين والكثيرين فهذا يرضى غرورها في الأغلب ويشعرها أن لا نقص لديها ..
وهذا في رأيي مأساة الحب الالكتروني ..
أو ذلك الحب الذي ينشأ عن التحادث كتابتةٍ أو صوتا دون مقابلة شخصية
فكل طرف يضحك على الآخر إلا ما رحم ربي ..
وحتى حين تبادل الصور يسعى كل طرف لعرض أفضل صوره بعد التعديلات والتزييف ولربما عرض صورة شخص آخر كامل الأوصاف ليثير انبهار الطرف الآخر .. حتى لو وضعه هذا في مطب ..
حتى أنني أكاد اجزم أن كل الصدمات النفسية التي يعانى منها الشباب الآن سببها التقاء طرفي الحب الالكتروني وجها لوجه بناءا على أحلام وردية وسلسلة لا متناهية من خداع كل طرف للآخر .. مما يسبب صدمة عصبية حادة ومركبة نتيجة انكشاف الحقيقة وانجلاء الصورة ..
فاللهم هون علينا صدمات الحب الالكتروني ..
آآآآآآآآآآآآآآمين

قلم / ماجد إبراهيم

التسميات:

7 Comments:
الموضوع جامد جدا
بس انت قاعدت تكلمها وهى جنيك دى مضحكة اوى بجد
بس لو تم الالتزام بالصدق فى التعارف انا شايفة ان ممكن بس دة لو فى صدق
وربنا يستر
تحياتى لك

Blogger Noha Abdel aziz said...
الموضوع حلو اوى ياريت تستمر نشر اليوميات الساخره

شكرا يا رئيسة حزب الاحلام
الواقعة دي حقيقة فعلاً
وانا مش ضد الحب الذى يأتى عبر تعارف الانترنت
لكنى ضد أن يقع الحب قبل أن يرى الطرفان يعضهما البعض ..

وتحياتي لكي

اشكرك يا نهى على تعليقك
وانا هاستمر في نشر اليوميات الساخرة
وان كان مش كلها هاتبقى ساخرة قوي
حسب الظروف
وربنا يسهل أنا بفكر احول اليوميات دي لكتاب أصلاً..
تفتكرى تنفع..؟؟

Blogger Noha Abdel aziz said...
اكيد تنفع وهيكون كتاب هيل انا بحب الكتابات الساخره

هههههههههههههه
بجد يا ماجد القصة دي فظيييييعة

احلى واحدة في اليوميات ضحكتني اوييي
:)) بجد موقف فظييع واسلوبك لذيذ اوي

ومعلش بقى تعيش وتاخد غيرها :))

شكرا يا نهى
وانا بدأت اجمع مقالاتى الساخرة فعلا واعدل فيها علشان اعمل منها كتاب
وربنا يسهل يشوف النور على معرض الكتاب 2010

وشكرا يا ايناس
ومبسوط ان دى اول يوميات تضحكك
والحقيقة ان اليوميات الجاية اظنها مش هاتضحك حد خالص..!!