الأحد، 6 سبتمبر 2009
للمصحف رب يحميه



لا شك أننا جميعاً كمسلمين على وجه الخصوص ندرك قيمة القرآن الكريم والعظيم في قلوبنا وأهميته لنا.. لكن قبل أن يستفزكم هذا العنوان دعوني أقدم لكم مقدمة لهذا الموضوع ثم أفهمكم مغزاه..

فمع اقتراب شهر رمضان المعظم تنهال علينا دوما سواء على ايميلاتنا أو على حسابتنا على الفيس بوك كم هائل من الرسائل الدينية الخاصة بشهر رمضان منها وربما أكثرها ما يحمل طابع التشدد ومنها ما يحمل طابع الخرافة وقليل للأسف ما تكون رسائل هادفة بحق..
لكن الملاحظ أن عدد كبير من الرسائل تتكرر منذ سنوات بنفس الصيغة تقريباً.. وقد انتقل أسلوبها إلى صنع مجموعات (جروبات) خاصة بها على موقع الفيس بوك..
تلك الرسائل هي التي تحمل عنوان من عينة "تحداني مسيحي أن اجمع مليون مسلم في مجموعة واحدة" ،، "تحداني يهودي أن اجمع مش عارف كام مليون مسلم في مجموعة واحدة.." وبهذا الشكل دوماً إلى أن وصل هذا الأسلوب السمج إلى السخرية منه نظراً لابتذاله الشديد فصارت الموضة الجديدة تحداني تمراوى أن اجمع مليون ديابي في مجموعة واحدة أو تحداني زملكاوى أن اجمع مليون اهلاوى في مجموعة واحدة وعلى شاكلة هذه الأمثلة الكثير والكثير من النماذج التي تضحكك أحياناً ونسخر منها أحيان أخرى ومنها من يصيبك بالنرفزة الحقيقية لأنه ببساطة لو افترضنا نجاح هذا التحدي فماذا بعد جمع المليون عضو .. ما الذي سيحدث وماذا سيصنعون بتجمعهم في مجموعة واحدة .. إذن نحن نقع ضحية رهان اثنين أمام بعضهم البعض وقد يكون الرهان وهمي أصلاً ولا وجود له من الأساس..

وفيما يخص القرآن الكريم تصلني على الأقل بشكل شخصي رسائل كثيرة على الفيس بوك تحديداً من التي تقول "تحداني فلان أن اجمع مليون شخص يدافعون عن القرآن في مجموعة واحدة لأنه في اليوم الفلاني سيقومون في الدولة الفلانية بحرق القرآن.. الموضوع هام وعاجل وخطير يا جماعة لازم يبقى لينا دور ده قرآن ربنا.." ،، طيب وماذا بعد أن نتجمع في مجموعة واحدة ماذا سنفعل بتجمعنا هذا وكيف نمنع حرق القرآن..؟؟ وإذا صحت المعلومة فهل تجمعنا في مجموعة واحدة سيجعلهم يتراجعون والمسلمون أصلاً في اضعف أحوالهم حالياً.. وأضعف من أن يثير تجمعنا خوف في قلوب أي كيان.. خاصة عندما يكون تجمع الكتروني كهذا التجمع..!!

وعلى الإيميل رسائل كثيرة تقول نفس سياق الكلام تقريبا وفي النهاية إرسلها إلى كل من عندك جزاك الله خيرا .. طيب بعد ما أبعتها والناس اللي عندي كلها تعرف إن القرآن ها يتحرق يوم كذا ها نعمل إيه.. ها نسافر كلنا للدولة دي علشان نقولهم وحياة النبي بتاعنا ما تحرقوش القرآن بتاعنا..!!
أم كيف سنجعلهم لا يحرقون القرآن.. ثم إذا كانت هذه الرسائل تصل بشكل شبه دوري بنفس السياق تقريباً ومنذ سنوات وربما فقط تختلف بتغيير التواريخ والبلاد وكثيرين بالطبع وقعوا في الفخ المزيف وأرسلوا الرسائل لكل من عندهم فماذا كانت النتيجة..؟؟ هل تراجع من أراد حرق القرآن عن فعلته ام فعلها بالفعل..
ولماذا لم نعرف أخبار حرق القرآن في هذا اليوم المزعوم هل أتحرق ولا رجعوا في كلامهم ولا إيه اللي حصل بالضبط..؟؟
ولماذا أول من يرسل تلك الرسالة هو وحده من عرف بموعد حرق القرآن المزعوم..؟؟

وطبعا أنا لست في حاجة للحديث عن مكانة القرآن في قلوبنا.. وأهمية أن ندافع عنه بقلوبنا وعقولنا وكل ما نملك.. لكن السؤال كيف ندافع عنه..؟؟

فهذه الرسائل تذكرني دوما بما سبق وأطلق عليه الكاتب محمد فتحي جمعية الثواب بالعافية فهي رسائل دوما تستحثنا على ما مفترض انه يجلب لنا الثواب لأننا ندافع عن القرآن .. لكن ماذا لو لم يكن لها تأثير يذكر.. بل ربما يكون تأثير سلبي..!!
نعم..، فالذي يحدث غالباً بعد تكالبنا على إرسال تلك الرسائل هو انه إذا وجد أصحاب مِلل أخرى خلف تلك الدعوى فهم يسخرون منا ومن تكالبنا على شيء لا نتيجة له فربما يكون هذا التحدي إذا كان حقيقيا تحدى به خبث بحيث إذا حدث وجمع هذا الرقم فعلا من البشر في مجموعة واحدة فيحدث التحدي كناية فينا ويحرق القرآن خاصة وانه تجمع الكتروني من خلف أجهزة الكمبيوتر أي لا قيمة له.. فماذا إذن فعل تجمعنا في مجموعة واحدة أو ماذا فعل تكرار إرسال الرسائل إلا أنهم سخروا منا..

لذلك دعوني أعود لمحاولة الإجابة على السؤال المطروح وهو كيف ندافع ونحافظ على القرآن الكريم.. وقبل أن أجيب دعوني هنا فقط أعود بكم لقصة جد النبي صلى الله عليه وسلم عندما أتى أبرهة قاصدا هدم الكعبة واستولى جنوده على اثنين من ابل عبد المطلب ثم طلب أبرهة أن يأتي له كبير قريش وكان هو عبد المطلب فذهب له وقال له ألك شكوى قال اخذ جنود اثنين من ابلي فقال جئت اقصد هدم الكعبة وتسألني في ابل قال أنا رب الإبل أما البيت فله رب يحميه.. وهي جملة شهيرة كلنا نعرفها ونعرف مدى إيمان عبد المطلب بالله حين قالها فلم يكن في مكة شخص حريص على الكعبة وكانت الأصنام حولها كثيرة وقريش عدد قليل وجيش أبرهة عددهم كبير فماذا تفعل المواجهة بينهم.. كان الطبيعي أن تكون المواجهة ربانية وبقوة من لا يقهر..

وقد تذكرت هذه الجملة الآن لأقول للجميع كما للبيت رب يحميه للمصحف رب يحميه.. فماذا يفيد تجمعنا وإرسال الرسائل ضد حرق القرآن وكثيرين لا يحفظونه ولا يقرءونه أصلاً..!!
فإذا كنا نريد أن نحافظ على القرآن فلنعمل به أولاً ولنحفظ من آياته قدر استطاعتنا ولنسعى لقراءته دوماً ولو بالقليل والأهم من قراءته أن نتدبره ونعمل بما نفهمه وان نقرأ تفسيره فإذا حدث هذا سنكون أقوى بكثير من الآن وستختفي أصلاً مظاهر عدم احترام القرآن.. لأننا سنكون احترمنا القرآن..
وها هو شهر القرآن قد هل علينا والفرصة بين يدينا لنثبت حبنا للقرآن عن حق فليس مهما أن نختمه مرتين وثلاثة في الشهر الفضيل .. الأهم أن نعيه ونفهمه ونتدبر آياته فلنقرأ فيه ولنحفظ منه ولنترك مهمة الحفاظ عليه لخالقه ونقول لأعداء القرآن للمصحف رب يحميه أليس هو القائل
" إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"... صدق الله العظيم
من فضلكم أرسلوا هذا المقال لـ 30 من أصدقائكم وستسمعون خبرا حلو الليلادي..!!

ماجد إبراهيم

التسميات: